برالوالد سامي ضيف الله البشير

الوالد
سامي ضيف الله البشير
سأتكلم عن شخص عظيم، له حق كبير ، أوصى به الإله ، وبفضله بعد الله ماقدمت للدنيا لولاه، إنه الأب إنه صاحب الجبين ذو العرق والهم في تحمل الأعباء لأجل أسرته والأرق، وفي حقه تجف الأقلام وتنتهي الورق، إنه الأب، هو من أطعمك وأنت في المهاد ، وهو من رعاك وأنت طفل لاتعرف لغة الضاد ، وهو من عق عنك وذهب بك إلى الطبيب وانت عنده فلذة كبده والحبيب ، كم قطرة عرق لأجلك من جبينه قد سالت وكم من خطوة لاجل أن يراك سعيدا قدمه لها طالت ،، وبعد أن كبرت واشتد عظمك أمنيته أن يراك  في أعلى الدرجات ويبتهج حين تفوز وكأنه هو الفائز أو تنجح وكأنه هو الناجح وحين تمرض تاكد أنه يقاسي مرضك حتى تشفى..
يقول عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « إنّ من الشجرِ شجرةً لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟ ». فوقع الناس في شجر البوادي. قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت-لانه كان صغيرا-، ثم قالوا :حدثنا ما هي يا رسول الله فقال: " هي النخلة "قال فذكرت ذلك لعمر قال: لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلى من كذا وكذا" "متفق عليه" هل سمعتم ماقال عمر رضي الله عنه لابنه فعمر تمنى لو أن ابنه أجاب أمام الصحابه ليفخر به فهكذا الاباء يفخرون بأبنائهم ،،
تدبروا هذه الآية وقد سمعتموها كثيرا {وقضى ربك ألا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا} وللعلم فقد ذكرت الوصية بالاحسان للوالدين في أربع مواضع بهذه الصيغة{ وبالوالدين احسانا} فكيف نسمع كلام الله وهو يأمر بالاحسان للوالدين ثم لانحسن؟
من أراد مغفرة الذنوب فعليه بالاحسان لوالديه كما في الاية السادسة عشر من سورة الاحقاف فقد قال الله بعد أن أمر بالاحسان للوالدين قال { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ماعملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون} .. ومن أراد اجابة الدعاء فعليه ببر الوالدين فقد عرفتم قصة الرجال الذين أطبقت عليهم الصخرة وأقفلت الغار حتى دعوا بصالح أعمالهم ودعا أحدهم ببره لوالديه في أنه كان يحلب لهم الحليب ووقف يوما عند رأسيهما وهما نائمين حتى استيقضا وشربا وأبناؤه عند قدميه يتضورون جوعا.. ومن أراد سعة الرزق فعليه ببر الوالدين ففي الحديث(من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه( ومن اراد أن يبره أبناءه فليبر والديه قال ثابت البناني : رأيت رجلاً يضرب أباه في موضعٍ، فقيل له: ما هذا؟ فقال الأب: خلوا عنه، فإني كنت أضرب أبي في هذا الموضع، فابتليت بابني يضربني في هذا الموضع، بروا آباءكم تبركم أبناؤكم. وأعظم شيء في ثمرات بر الوالدين رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين..
فيا أيها الابن لاتشتك والدك القاسي أو العاصي ، اعلم أن آزر أبو ابراهيم عليه السلام كان كافرا وكان ابراهيم عليه السلام يدعوه { يا أبت لاتعبد الشيطان ...} يا آبت .. يناديه بألطف الالفاظ .. وهل فكرت بمعنى أنه كان كافرا .. ليس فقط معصية أو يفعل محرما بسيطا بل كان كافرا وهو أب لأحد الانبياء ..
بعض الابناء يريد أباً كما يريد وبالاوصاف التي يتمناها ،، ولو كان أبوك كما تريد فليس لك فضل في برك ولكن لكي تمتحن فقد يكون أبوك قاسيا أو يبتليك الله بمرض أبوك أو أي أمر قد يحتاجك فيه ليعلم صدق برك ، اما لو كان أبوك كما تشتهي فليس لك فضل حينها, واعلم أيها الابن أن من عظيم الاحسان أن تتلمس حاجات والدك وأن تفعل هذا الفعل وتقدم الخدمة وأنت سعيد وتحتسب الاجر العظيم في قضاء حاجته .. ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم " ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" فكيف بحاجة أحد الوالدين؟ سيكون الله في حاجتك يقضي لك حاجتك فيامن له حاجه يامن له عازة عليك ببر والديك سيقضي الله حاجتك أليس في الحديث الاخر "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" فاقضوا حاجات آبائكم يقضي الله حوائجكم. أقول ماسمعتم
الخطبة2
أيها الابن اعلم أن الأب لايقاد بالابن في قول جمهور العلماء وأن مال الابن لأبيه مالم يحتاجه. كل هذا؟ نعم كل هذا وأكثر فلو قدر أن أبا قتل ولده فإن الوالد لايقتل بذلك، ويجوز للوالد أن يمتلك ويأخذ من مال ولده ما لا يضر الولد ولا يحتاجه الولد كل هذا لعظم قدر الوالد فتنبهوا. وأختم بهذا الحديث في فضل الوالد وليسمعه من أراد الجنة فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه" رواه ابن ماجه والترمذي. قال بعض أهل العلم في شرح الحديث إنَّ للجنة أبواباً ، وأحسنها دخولاً أوسطها ، وإنَّ سبب دخول ذلك الباب الأوسط هو محافظةً على حقوق الوالدين ؛ فالمراد بالوالد : الجنس ، أو إذا كان حكم الوالد هذا فحكم الوالدة أقوى . اهـ